فصل: النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ السَّرِقَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ السَّرِقَةِ:

وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ حُكْمًا:
الْأَوَّلُ:
فِي الْكِتَابِ سَرَقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَوَافَقَنَا الْعُلَمَاءُ فِي تَقْدِيمِ الْيَدِ الْيُمْنَى لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنْ سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يَمِينَهُ وَلِأَنَّهَا آلَةُ السَّرِقَةِ فَيُنَاسِبُ إِعْدَامَهَا وَالتَّثْنِيَةُ بِالْيُسْرَى قَوْلُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا عَطَاءً قَالَ الْيَدُ الْيُسْرَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} وَلِأَنَّهَا آلَة السّرقَة لنا قَوْله عليه السَّلَامُ: «إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» وَقِيَاسًا عَلَى الْحِرَابَةِ وَلِأَنَّ قَطْعَ يَدِهِ تَفْوِيتُ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ فَلَا تَبْقَى لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا وَلَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَيَصِيرُ كَالْهَالِكِ وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ قَطْعُ يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّارِقَةِ وَالسَّارِقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ الْيَدَانِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا وَهُوَ إِمَّا قُرْآنٌ أَوْ تَفْسِيرٌ وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ كُلَّ مُثَنَّى أُضِيفَ إِلَى مُثَنَّى هُوَ بَعْضُهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ مِنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَات الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع وَهُوَ الْأَفْصَح لَيْلًا يَجْتَمِعَ تَثْنِيَتَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وَتَعَيَّنْتِ الْيُسْرَى فِي الرِّجْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف} وَلِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ لِتَعْوِيضِهَا بِحَبْسِهِ وَلَوْ قُطِعَتِ الْيُمْنَى تَعَذَّرَ الْمَشْيُ وَقَالَ أَحْمَدُ وَ (ح) لَا تُقْطَعُ إِلَّا يَدٌ وَرِجْلٌ فَإِنْ عَادَ حُبِسَ وَوَافَقَنَا (ش) فِي قَطْعِ الْأَرْبَعِ وَفِي أَبِي دَاوُدَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السَّارِقِ «إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» احْتَجُّوا بِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا قَالُوا اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ قَتَلْتُهُ إِذًا وَمَا عَلَيْهِ الْقَتْلُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَتِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ عَلَى حَاجَتِهِ فَرَدَّهُ للسحن أَيَّامًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمُ الْأَوَّلِ وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتُ جِنْسٍ فَلَا يُشْرَعُ كَالْقَتْلِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ مُعَارَضٌ بُقُولِ الصَّحَابَةِ بَلْ هُمْ أَرْجَحُ لِأَنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعَنِ الثَّانِي الْفَرْقُ بِبَقَاءِ الْحَيَاةِ وَالِاغْتِذَاءِ وَالْحَوَاسِّ وَأَنْوَاعِ التَّعَبُّدِ بِالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ سَرَقَ وَلَا يَمِين لَهُ أَوله يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ مَالِكٌ قِيَاسًا عَلَى تَقَدُّمِ الْقَطْعِ ثُمَّ عَرَضْتُهَا فَقَالَ امْحُهَا وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ عز وَجل {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَإِنْ سَرَقَ مَنْ لَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ أَو أشل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فاستهلكهما وَهُوَ عَدِيمٌ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنْ يُضْرَبُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ السَّرِقَةِ وَإِنْ سَرَقَ وَقَدْ ذهبت من يمنى يدين أُصْبُعٌ قُطِعَتْ يَدُهُ كَمَا لَوْ قُطِعَ يَمِينُ رَجُلٍ وَإِبْهَامُهُ مَقْطُوعَةٌ فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ مِنْهَا إِلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَإِنْ كَانَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ لم يقطع وَشرب وَسُجِنَ وَضَمِنَ قِيمَةَ السَّرِقَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ بِالنَّارِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَارِقٍ سَرَقَ شَمْلَةً فَقَالَ «اقْطَعُوهُ وَاحْسِمُوهُ» وَالْقَطْعُ فِي الْيَدَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ وَفِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحِرَابَةُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى بِهِ الْعَمَلُ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَقْعَدِ الشِّرَاكِ فِي الرِّجْلِ لِيَبْقَى عَقِبُهُ يَمْشِي عَلَيْهِ وَعَن أبي مُصعب عَن سَرَقَ الْخَامِسَةَ قُتِلَ لِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالثَّابِتِ وَمَقْطُوعُ أُصْبُعٍ مِنْ يَدِهِ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَفِيهَا وَتُلْغَى الْأَصَابِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ إِنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ شَلَّاءُ أَوْ ذَهَبَتْ مِنْهَا أُصْبُعَانِ أَوْ قُطِعَتِ الشَّمَالُ مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ أَطْرَافِهِ وَمَتَى كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتِ الْيُسْرَى مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا كَالْيَمِينِ لَهُ فَإِنْ كَانَتِ الْيُمْنَى شَلَّاءَ قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ تُقْطَعُ الشَّلَّاءُ لِأَنَّهَا الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا النَّصُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ تُقْطَعُ إِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتِ الْيُمْنَى لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِالْيُسْرَى وَإِنْ ذَهَبَ أُصْبُعَانِ قَالَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا رِجْلُهُ وَيَدُهُ الْيُسْرَى وَعَنْهُ إِنْ بَقِيَ أَكْثَرُهَا قُطِعَتْ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَقَطَعَ يُسْرَاهُ مَعَ وُجُودِ الْيَمِينِ قَالَ مَالِكٌ لَا يُقْطَعُ يَمِينه لحُصُول الْمَقْصُود وَقَالَ عبد الْملك تعطع لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا يُزِيلُ الْحَدَّ وَعَقْلُ الشِّمَالِ فِي مَالِ السُّلْطَانِ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَاطِعُ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَإِذَا قُطِعَتِ الْيُسْرَى فِي سَرِقَةٍ ثُمَّ سَرَقَ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ مِنْ خِلَافٍ وَعَنِ ابْنِ نَافِعٍ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ دَلَّسَ السَّارِقُ بِالْيُسْرَى فَقُطِعَتْ أَجَزْأَهُ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبِدَايَةُ بِالْيُمْنَى مُسْتَحَبَّةً وَعَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا تُجْزِئُهُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَاجِبًا لِأَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَعَ بَيَانًا لِلْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ إِنْ ذَهَبَتِ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ لَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِتَعَيُّنِ الْقَطْعِ لَهَا وَقَدْ ذَهَبَتْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ الشِّمَالِ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَإِنْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ قُطِعَ لِلسَّرِقَةِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِهَا لِلْقَطْعِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَبْدِئَتَهَا مُسْتَحَبَّةٌ تُقْطَعُ قَصَاصًا وَتُقْطَعُ يُسْرَاهُ أَوْ رِجْلُهُ لِلسَّرِقَةِ.
فَائِدَةٌ:
أَنْشَدَ الْمَعَرِّيُّ:
يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ فُدِيَتْ ** مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ

تَنَاقُضٌ مالنا إِلَّا السُّكُوتُ لَهُ ** فَنَسْتَعِيذُ بِبَارِينَا مِنَ النَّارِ

فَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
صِيَانَةُ الْعُضْوِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصُهَا ** خِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي

نَظَائِرُ:
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَمْحُوَّاتُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعَةٌ إِذَا وَلَدَتِ الْأُضْحِيَّةُ فَحَسَنٌ أَنْ يُذْبَحَ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ أَبَى لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ امْحُهَا وَاتْرُكْ إِنْ ذَبَحَهُ مَعَهَا فَحَسَنٌ وَالْحَالِفُ لَا يَكْسُو امْرَأَتَهُ فَافْتَكَّ لَهَا ثِيَابَهَا مِنَ الرَّاهِنِ حَنِثَ وَالْمَرِيضُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ أَوِ الْمَرِيضَةُ وَيُفْسَخُ إِنْ دَخْلَا وَكَانَ يَقُولُ وَلَا يَثْبُتُ وَإِنْ صَحَّا ثُمَّ قَالَ امْحُهَا وَأَرَى إِذَا صَحَّا ثَبَتَ وَمَنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَيْهِ فَمَحَاهَا فَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
الثَّانِي:
فِي الْكِتَابِ إِنْ قَامَ أَجْنَبِيٌّ بِسَرِقَةِ مَتَاعِ الْغَائِبِ قُطِعَ السَّارِقُ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ وَإِنْ قَالَ السَّارِقُ رَبُّهُ أَرْسَلَنِي قُطِعَ وَإِنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَمْ لَا لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُثْبِتَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا سَقَطَ وَإِنْ أُخِذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مَعَهُ مَتَاعٌ فَقَالَ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي آخُذُ لَهُ هَذَا إِنْ عُرِفَ انْقِطَاعُهُ إِلَيْهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالسَّرِقَةِ وَأَخَذَهُ خُفْيَةً وَإِنَّمَا قُطِعَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ قَالَ دَفعه إِلَى مَا قطع قَالَه أَو بعمران وَغَيْرُهُ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا قُطِعَ وَإِنْ عُرِفَ انْقِطَاعُهُ إِلَيْهِ وَفِي النُّكَتِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَائِلِ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي آخُذُ لَهُ هَذَا وَقَدْ أُخِذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَبَيْنَ الْقَائِلِ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي وَقَدْ سَرَقَهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَايَنَتْ سَرِقَتَهُ وَدُخُولَهُ الْمَنْزِلَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا وُجِدَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلَمْ تُعَايِنْ سَرِقَتَهُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَتى عفل فِعْلَ الرَّسُولِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُشْبِهُ فِعْلَ الْآمِرِ لَمْ يُقْطَعْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ أَمْ لَا وَإِنْ فَعَلَ السَّارِقُ مِنَ السُّور وَالنَّقْبِ قُطِعَ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ أَمْ لَا قَالَ اللَّخْمِيُّ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُرْسَلُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالسَّرِقَةِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ صِدْقِهِ وَلَا دَلِيلُ كَذِبِهِ وَأَشْكَلَ لِأَنَّهُ لَا خِلْطَةَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ مَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ وَلَا بِالصَّلَاحِ فَإِنْ صَدَّقَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ مَعَ الشَّكِّ شُبْهَةٌ وَإِنْ كَذَّبَهُ قُطِعَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلُ كَذِبِهِ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ غَائِبٌ قُطِعَ وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ قُطِعَ وَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ حَتَّى يَقْدَمَ فَإِنْ صَدَّقَهُ وَإِلَّا قُطِعَ وَالَّذِي يُؤْخَذُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِالْمَتَاعِ وَقَالَ فُلَانٌ أَرْسَلَنِي فَإِنْ عُرِفَ بِانْقِطَاعِهِ إِلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ فَأَسْقَطَ الْحَدَّ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِالْأَخْذِ وَاخْتُلِفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ هَلْ يَحْلِفُ إِذَا أَكْذَبَهُ هَلْ يَسْقُطُ الْقَطْعُ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ وَحَلَفَ السَّارِقُ وَاسْتَحَقَّ الْمَسْرُوقَ وَهَلْ يَسْقُطُ إِذَا صَدَّقَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْلِفُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَتَاعَهُ وَيُقْطَعُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَمْ يُقْطَعْ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ أَخَذَ سِرًّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ قَالَ السَّارِقُ أَوْدَعْتَنِيهُ وَصَدَّقَهُ لَمْ يَسْقُطِ الْقَطْعُ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إِلَّا أَنْ يَتَنَازَعَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ وَإِنْ نَقَبَ وَكَسَرَ الْبَابَ إِلَّا أَنْ يُشْبَهَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَمْلَاكِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتِ الدَّعْوَى وَأَكْذَبَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ السَّارِقُ بِمَا يُشْبِهُ وَأَرَى أَنْ يَسْأَلَ كَيْفَ صَارَ إِلَيْهِ فَإِنْ قَالَ أَوْدَعْتُهُ وَهُنَاكَ سَبَبٌ يَقْتَضِي خُرُوجَ مَتَاعِهِ مِنْ بَيْتٍ أَوْ قَالَ غَصَبَنِي وَالْآخِذُ صَالِحٌ لِذَلِكَ أَوْ قَالَ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ سَرَقَهُ مِنِّي وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَاعِي وَهُوَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ صُدِّقَ وَحَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَاسْتَحَقَّ وَلَمْ يثبت الْقطع للشُّبْهَة.
الثَّالِثُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا لَمْ يَقُمْ رَبُّ السَّرِقَةِ وَقَدْ أَخَذَهَا أَمْ لَا لَزِمَ الْقَطْعُ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَلَا يَعْفُو الْوَالِي إِذَا انْتَهَتْ إِلَيْهِ الْحُدُودُ وَإِنْ قَالَ مَا سَرَقَ مِنِّي وَشهد بِالسَّرقَةِ قُطِعَ فِيهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيَةً قُطِعَ أَيْضًا لأنالسبب فِعْلُهُ لَا الْمَسْرُوقُ وَإِنْ قَامَ بِالسَّرِقَةِ أَوِ الزِّنَى غلإمام أَقَامَ الْحَدَّ إِذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ نَائِبُ اللَّهِ وَهَذِهِ حُقُوقُ اللَّهِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّهُ حق الْآدَمِيّ فلابد من قيامع ويشفع للسارق إِذا كانتمنه السَّرِقَةُ فَلْتَةً وَلَمْ يَبْلُغِ الْإِمَامَ أَوِ الشُّرَطَ أَوِ الْحَرَسَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ صَفْوَانَ شَفَعَ فِي سَارِقِ رِدَائِهِ بِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «هَلَّا قَبْلَ هَذَا» وَإِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ أَحْلِفُوهُ أَنَّ الْمَتَاعَ لَيْسَ لِي قُطِعَ وَيَحْلِفُ الطَّالِبُ وَيَأْخُذُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ السَّارِقُ وَأَخَذَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَإِذَا أَخَذَ السَّارِقُ لَمْ يُقْطَعْ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ فَإِنْ صَدَّقَهُ قُطِعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافَ ابْنِ دِينَارٍ وَعَن ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَهُوَ أشبه بالأصول.
الرَّابِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ وَأَخَذَ مَكَانَهُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُسْرُهُ مُتَّصِلٌ فَقُطِعَ وَقَدِ اسْتَهْلَكَ السَّرِقَةَ ضَمِنَهَا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ ذَهَبَ يُسْرُهُ ثُمَّ قُطِعَ مُوسِرًا أَوْ سَرَقَ مُعْسِرًا أَوْ قُطِعَ مُوسِرًا لَمْ يَضْمَنِ الْمُسْتَهْلَكَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا تَمَادَى الْيُسْرُ إِلَى الْقَطْعِ وَضَمَّنَهُ (ش) وَأَحْمَدُ مُطْلَقًا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ (ح) مُطْلَقًا وَلَا يَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالْغُرْمُ عِنْدَهُ إِنْ غَرِمَهَا قَبْلَ الْقَطْعِ سَقَطَ الْقَطْعُ أَوْ قُطِعَ قَبْلَ الْغُرْمِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَقَالَ فِيمَن سرق مَرَّات يفرم الْكُلَّ إِلَّا الْآخِرَ لِأَنَّهُ قُطِعَ بِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفُ قُطِعَ بِالْكُلِّ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَإِن كَانَت الْعين قَائِمَة درت اتِّفَاقًا لَنَا عَلَى (ش) قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} فَجُعِلَ حَدُّ الْقَطْعِ فَرْضًا وَجَمِيعُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أُقِيمَ عَلَى السَّارِقِ الْحَدُّ فَلَا غُرْمَ» خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ وَلِأَنَّ إِتْلَافَ الْمَالِ لَا يُوجِبُ عُقُوبَتَيْنِ وَلَنَا عَلَى الْغُرْمِ مَعَ الْيَسَارِ عَلَى (ح) أَنَّ مُوجِبَ الْقَطْعِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَمُوجِبَ الْغُرْمِ الْإِتْلَافُ وَالْأَصْلُ تُرَتُّبُ الْمُسَبِّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا كَالْمُحْرِمِ يُتْلِفُ صَيْدًا مَمْلُوكًا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ وَالْقِيمَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ أَنَّ اتِّبَاعَ الْمُعسر عبوبه لَهُ تَشْغَلُ ذِمَّتَهُ وَالْمُوسِرُ لَا عُقُوبَةَ فِيهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ بَاعَهَا وَعَوَّضَهَا فِي مَالِهِ بَلْ هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غُرْمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّهُ وَفَّرَ بِهَا مَالَهُ وَلِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْأَدِلَّة وَمثله نَفَقَة الزَّوْجَة وَقِيمَة الشّقص أُعْتِقَ لَا يُضْمَنَانِ فِي الذِّمَّةِ بَلْ مَعَ الْيَسَارِ احْتَجَّ (ح) بِمَا تَقَدَّمَ وَ (ش) بِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ ضَعِيفٌ وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى أُجْرَةِ الْقَاطِعِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَلْزَمُ إِذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الْعَدَم لِأَن الْعَدَم أسقطها عَنهُ وَفِي المعونة قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا التَّغْرِيمُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ عَدَمُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مَعَ الْإِعْسَارِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ (ح) لِأَنَّ (ح) يُخَيِّرُ الْمَالِكَ فِي الْقطع فَلَا عزّر أَوِ الْغُرْمِ فَلَا قَطْعَ وَهَذَا يُحَتِّمُ الْقَطْعَ وَهَذَا كُلُّهُ إِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ نِصَابًا فَقُطِعَ فِيهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مَعَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَقَدِ اسْتَهْلَكَهَا وَبِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ أَفَدْتُهُ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَقَالَ الطَّالِبُ قَبْلُ صُدِّقَ السَّارِقُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ مِنَ السَّرِقَةِ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ كَسْبٌ وَلَا مِيرَاثَ وَإِنِ اسْتَمَرَّ مَلَاؤُهُ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى بَعْدَ الْقَطْعِ قِيلَ يُغَرَّمُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَرِّمُ الْمُعْسِرَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْبَعُ بِهِ دَيْنًا وَإِنِ اسْتَهْلَكَهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَا بِيَدِهِ قَدْرُ الدَّيْنِ فَأَهْلُ الدُّيُونِ أَحَقُّ مِنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمَا فَضَلَ فَلَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ فِي ثَلَاثَةِ مَسَائِلَ إِذَا لَمْ تَثْبُتِ السَّرِقَةُ إِلَّا بِشَاهِدٍ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَقَالَ سَرَقْتُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَقَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ من حرز وَالثَّالِث أَن تذْهب يَمِينه بِأَمْر من الله تعلى فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُتْبَعُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَ سَرَقَ أَوْ يَوْمَ الْحَدِّ وَمَنَعَ أَشْهَبُ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ يُقِرُّ أَنَّ حُكْمَهُ الْقَطْعُ وَأَنَّهُ ظُلِمَ فِي امْتِنَاعِهِ مِنَ الْقَطْعِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقْطَعْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَطْعِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ يُتْبَعُ عَلَى أَصْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ وَلَا يُسْقِطُ الْغُرْمَ إِلَّا النَّكَالَ بِالْقَطْعِ وَمِثْلُهُ إِذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ الْقَطْعُ دُونَ الْغُرْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِم ويقسط الْأَمْرَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَإِذَا بَاعَ السَّرِقَةَ فَأَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَجَازَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ الْبَيْعَ لَمْ يُتْبَعِ السَّارِقُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ مَالِكٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلَ الْيُسْرِ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى الْقَطْعِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ وَأُغْرِمَ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَدِيمًا رَجَعَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ لَزِمَتِ الْمُشْتَرِيَ بِفَضْلِ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ السَّرِقَةَ أُخِذَ مِنْهُ الثَّمَنُ الثَّانِي أَوِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ يَلْزَمُ الْغُرْمُ إِنِ اسْتَمَرَّ الْيُسْرُ مِنَ السَّرِقَةِ إِلَى الْقَطْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إِلَى حِينِ الْقِيَامِ إِلَيْهِ وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ الْقَطْعِ وَقَبْلَ الْغُرْمِ اتَّبَعَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ أَشْهَبَ وَقِيلَ يَتْبَعُ مُطْلَقًا مَعَ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَقَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَفِي النَّوَادِرِ إِذَا قُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ فِي سَرِقَاتٍ أَوْ غَيْرِهَا اتَّبَعَ فِي عُدْمِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ وَلَمْ يَتْبَعْ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ قَطْعٍ وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ وَإِنْ سَرَقَ فَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى زَنَى فَرُجِمَ بَعْدَ أَنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الْعُدْمِ يَوْمَ السَّرِقَةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا يتبع إِن قُطِعَ لِدُخُولِ الْقَطْعِ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ سَرَقَ ثَلَاثَةٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ فَقُطِعُوا وَوُجِدَ مِنْهُمْ مَلِيءٌ ضمن الْجَمِيع لأَنهم كَالرّجلِ الْوَاحِد.
الْخَامِسُ:
فِي الْكِتَابِ لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ مِنَ السُّكْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يُجْلَدُ فِي حَدٍّ فَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَضَرَبَهُ وَهُوَ طَافِحٌ لَمْ يُجِزْهُ لِعَدَمِ النِّكَايَةِ عِنْدَ الْغَفْلَةِ أَو خَفِيف السكر أَجَزَأَهُ وَلَوْ قِيلَ بِقَطْعِهِ حَالَ سُكْرِهِ اتَّجَهَ لِأَنَّ أَلَمَ الْقَطْعِ يَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ السُّكْرِ بِخِلَاف الضَّرْب.
السَّادِسُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا بَاعَهَا فَقُطِعَ وَلَا مَالَ فَلِرَبِّهَا أَخْذُ قِيمَتِهَا مِنَ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ وَيَتْبَعُ الْمُبْتَاعُ السَّارِقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَوَالَدَتِ الْغَنَمُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ أَخَذَهَا مَعَ أَوْلَادِهَا فَإِنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِسَبَبِهِ أَوْ بَاعَهَا غَرِمَ قِيمَتَهَا أَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعَمْدِ وَإِنْ سَرَقَهُ فَصَبَغَهُ ثُمَّ قُطِعَ مُعْدَمًا أَعْطَيْتَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَأَخَذْتَ ثَوْبَكَ وَإِنِ امْتَنَعْتَ بِيعَ وَأَخَذْتَ عَنِ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ وَالْفَاضِلُ لَهُ وَإِنْ عجز عَن الثّمن لميتبع لعدمه فَإِن عمله بظهارة تَحْتَهُ فَلَكَ أَخْذُهُ مَقْطُوعًا كَمَا لَوْ سَرَقَ خَشَبَة وَبنى عَلَيْهَا لِأَنَّهُ عرض الْبناء للْفَسَاد فَإِن أَبيت مِنْ أَخْذِهِ مَقْطُوعًا وَهُوَ عَدِيمٌ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ سَوِيقًا وَلَتَّهُ ثُمَّ قُطِعَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا وَامْتَنَعْتَ مِنْ أَخْذِ السَّوِيقِ فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّبْغِ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَكَ مِنْ ثَمَنِهِ مِثْلُ حِنْطَتِكَ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَإِنْ عَمِلَ الْفِضَّةَ حُلِيًّا أَوْ دَرَاهِمَ وَقُطِعَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَكَ إِلَّا وَزْنُ فِضَّتِكَ لِأَنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ ظَلَمْتَهُ فَإِنْ أَخَذَهَا وَدَفَعَ أَجْرَ الصِّيَاغَةِ فَهُوَ فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ وَإِنْ عَمِلَ النُّحَاسَ قُمْقُمًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ وَزْنِهِ وَلِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ قَالَ ابْنُ يُونُس قَالَ مُحَمَّد إِن أهلكها الْمُبْتَاعُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَيَرْجِعُ عَلَى السَّارِقِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا يَدْفَعُ لِصَاحِبِهَا أَوِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَدِيمًا اتَّبَعَهُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَيْسَرَ السَّارِق قبله رجعت عَلَيْهِ بِأَقَلّ من الْقيمَة يَوْم أهلكها الْمُشْتَرِي أَوِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ سَرَقَهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَكْلِ أَكْثَرَ رَجَعَ عَلَى السَّارِقِ لِأَنَّهُ غَرِيمُ الْغَرِيمِ لِلْمُشْتَرِي وَانْظُرْ إِنْ أَكَلَهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْأَكْلِ مِثْلُ الثَّمَنِ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ أَقَلُّ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ السَّارِقِ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ وَهُوَ لَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا مِنَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لَهُ عَلَى السَّارِقِ الثَّمَنَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ كَانَ لِلسَّارِقِ غُرَمَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ فَهُمْ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ من صَاحب الثَّوْب غلا أَنْ يَفْضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَسْلَمَهُ وَفَاتَ بِالْبَيْعِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ نَقْضُ بَيْعِهِ وَلَا أَخْذُ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ بَيْعٌ وَلَيْسَ لَهُ هُوَ ثَمَنُ سَرِقَتِهِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ قَامَ رَبُّهُ فَوَجَدَهُ مَصْبُوغًا فَلَهُ أَخْذُهُ وَدَفْعُهُ لَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَنْهُ لَا يَأْخُذُهُ بِحَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ بَيْنَ الْقِيمَةِ يَوْمَ السَّرِقَةِ يَأْخُذُهَا أَوْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ أَوْ يَدْفَعُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَعَنْهُ يَأْخُذُهُ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ غَصَبَ دَارا فبيضها والسويق الملتوث وَالْخَشَبَةُ تُعْمَلُ بَابًا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ يُصْبَغُ أَنَّ الثَّوْبَ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ وَعَن أَشْهَبَ فِي النُّحَاسِ يُعْمَلُ قُمْقُمًا يُخَيِّرُ رَبَّهُ فِي أَخْذِ الْقُمْقُمِ وَإِعْطَاءِ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ أَوْ يُغَرِّمُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ نُحَاسًا قَالَ سَحْنُونٌ كُلُّ مَا غير حَتَّى صال لَهُ اسْمٌ غَيْرَ اسْمِهِ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ بَلْ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْفِضَّةِ تُعْمَلُ حُلِيًّا أَوِ النُّحَاسِ آنِيَةً أَوِ الثَّوْبِ يُصْبَغُ أَوْ يُجْعَلُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ أَوِ الْخَشَبَةِ بَابًا أَوِ الْحِنْطَةِ تُطْحَنُ وَكُلُّ مَا أَثَّرَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ صَنْعَتِهِ إِلَّا بِالشَّرِكَةِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بالصنعة بِغَيْر غرم نقضه ذَلِكَ أَوْ زَادَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ وَكَذَلِكَ الْغَصْبُ وَإِنْ سَرَقَ عُصْفُرًا لِرَجُلٍ وَثَوْبًا لِآخَرَ وصبغه بذلك لم يقطع وَلَهُ مَالٌ يَوْمَ السَّرِقَةِ لَزِمَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَمِثْلُ الْعُصْفُرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ تحاصصا فِي ثمنهَا هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ وَالْآخَرُ بِقِيمَةِ الْعُصْفُرِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْنَ صَبْغِ الثَّوْبِ وَبَيْنَ النُّحَاسِ قُمْقُمًا أَنَّ الثَّوْبَ لَيْسَ مِثْلِيًّا وَمِثْلُ النّحاس يقوم مقَامه السَّابِعُ فِي الْكِتَابِ إِذَا ثَبَتَتِ السَّرِقَةُ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَمِينَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَطْعِ وَنُكِّلَ لِجُرْأَتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَأَجْزَأَ ذَلِكَ السَّارِقَ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ عَدَالَةِ الْبَيِّنَةِ فَعُدِّلَتْ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا اقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْعُضْوَ مَعْصُومٌ وَإِذَا أَمَرَ القَاضِي بِقطع الْيَمين فغلظ الْقَاطِعُ فَقَطَعَ يَسَارَهُ أَجَزَأَهُ لِحُصُولِ النَّكَالِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ وَإِذَا قُطِعَتْ يَمِينُ السَّارِقِ فَهُوَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ تَقَدَّمَتْ أَوْ قِصَاصٍ وَجَبَ فِي ذَلِكَ الْعُضْوِ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ قَالَ ابْن يُونُس إِذا قطّ رجل يَده بعد ثُبُوت السّرقَة عُوقِبَ للتعمد وَلَا دِيَةَ فِي الْخَطَأِ وَكَذَلِكَ الْمُحَارِبُ إِذَا قُتِلَ وَمَسْأَلَةُ الْقَاطِعِ يَغْلَطُ مَرْوِيَّةٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَطَأُ الْإِمَامِ لَا يُزِيلُ قَطْعَ الْيُمْنَى فَتُقْطَعُ وَعَقْلُ الْيُسْرَى فِي مَالِ الْإِمَامِ إِنْ بَاشَرَ أَوِ الْقَاطِعِ دُونَ الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إِنْ قَطَعَ هُوَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ إِنْ بَاشَرَ أَوِ الْقَاطِعِ دُونَ الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ إِنْ قَطَعَ هُوَ بِغَيْر أَمر الإِمَام وَإِن يمنه عُوقِبَ هُوَ فَقَطْ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا بَادَرَ الْجَلَّادُ فَقَطَعَ الْيُسْرَى عَمْدًا اقْتُصَّ مِنْهُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَكَذَلِكَ لَو فعل ذَلِك الإِمَام ويجزيء فِي الْغَلَطِ وَرَجَعَ مَالِكٌ إِلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَتُقْطَعُ الْيُمْنَى وَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى وَالْعَقْلُ فِي مَالِ الْقَاطِعِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْيُسْرَى عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ.
الثَّامِن:
فِي الْكتاب إِن وَلَا مَالَ لَهُ إِلَّا قِيمَةُ السَّرِقَةِ فَغَرِمَهَا ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ سَرَقَ مِنْهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ أَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ مَلِيًّا بِمثل الَّذِي غرم الْآن بحاصص بِهَا فِي ذَلِكَ دُونَ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْعُدْمَ أَسْقَطَهَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا يَوْمَ الْقَطْعِ كُلُّهُمْ فَلِلْغَائِبِ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إِنْ سَرَقَ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ قُضِيَ لِلْحَاضِرِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا إِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَإِنْ قَدَمَ الْغَائِبُ وَالسَّارِقُ عَدِيمٌ وَكَانَ يَوْمُ الْقَطْعِ مَلِيًّا بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَخَذَ وَلَا يُتْبَعُ السَّارِقُ بِشَيْءٍ كَالدَّيْنِ لَكُمَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ شَرِكَةٍ يَقْبِضُ أَحَدُكُمَا حِصَّتَهُ وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكفَالَة إِذا قُضِيَ لِلشَّرِيكِ بِحَقِّهِ وَالْغَرِيمُ مَلِيءٌ بِحَقِّهِمَا فَيُقَدَّمُ الْغَائِبُ لَا يُدْخِلُ عَلَى شَرِيكِهِ أَنَّ السَّارِقَ لَمْ يَأْمَنْهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَى بَقَاءِ مَا وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ يَجِبُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُوقِفُ نَصِيبَ الْآخَرِ فَلَمَّا غَلِطَ صَارَتْ قِسْمَةً غَيْرَ جَائِزَةٍ وَفِي مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ صَاحِبُ الدَّيْنِ هُوَ الَّذِي ائْتَمَنَ الْغَرِيمَ عَلَى بَقَاءِ دَيْنِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ بِلَا رُجُوعٍ لِلْغَائِبِ عَلَى الْقَابِضِ إِذَا حَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ نَصِيبِهِ وَأَبَى أَبُو مُحَمَّدٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ قِيلَ لَهُ قَدْ مَثَّلَهَا بِالدَّيْنِ فَقَالَ إِنَّهُ مَثَّلَهَا بِهِ لِيَفْهَمَ أَنَّ لِلشَّرِيكِ الدُّخُول.
التَّاسِعُ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنَ الْحَدِّ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتْلَفٍ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْخَوْفِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَإِنْ مَاتَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَتَعَاهَدُ فِي الْبَرْدِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْطَعُ الْمُحَارِبُ فِي الْبَرْدِ الشَّدِيدِ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ الإِمَام لَو قَتله جَازَ.
الْعَاشِرُ:
فِي الْكِتَابِ إِنْ سَرَقَ وَقَتَلَ عَمْدًا كفر الْقَتْلَ فَإِنْ عَفَا الْوَلِيُّ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ وَقطع يَمِين رجل قطع لسرقة فَقَطْ لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ فِيهَا وَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ كَمَا لَوْ ذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَسَارَ رَجُلٍ قُطِعَ يَمِينُهُ لِلسَّرِقَةِ وَيَسَارُهُ لِلْقِصَاصِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَلِلْإِمَامِ جمع ذَلِك عَلَيْهِ وتفريغه بِقَدْرِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْحَدُّ وَالتَّعْزِيرُ وَإِنِ اجْتمع حد الله تَعَالَى وحد الْعباد بديء بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ فِيهِ فَإِنْ عَاشَ حُدَّ حَدَّ الْعِبَادِ وَإِنْ مَاتَ بَطَلَ ذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ يُفَرِّقُهُ بِحَسَبِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَا لق قُدِّمَ أَكْثَرُهُمَا كَحَدِّ الزِّنَا مَعَ الشُّرْبِ إِلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فِي الْمِائَةِ فَيُحَدُّ لِلْخَمْرِ فَإِنْ ضَعُفَتِ الْبِنْيَةُ عَنِ الْحَدِّ الْوَاحِدِ ضُرِبَ الْمَأْمُونَ ثُمَّ يَسْتَكْمِلُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَإِنْ فَرَغَ جَلْدُ الزِّنَا جُلِدَ لِلْخَمْرِ وَإِنْ كَانَا لِلْعِبَادِ نَحْوِ قَطْعِ هَذَا وَقَذْفِ هَذَا اقْتَرَعَا فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْأَدْنَى مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ فَيُقَامُ وَأُخِّرَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِوَقْتِ الْأَمْنِ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ دَائِمًا بديء بِهِ مُفَرَّقًا ثُمَّ حَقُّ الْآدَمِيِّ قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ إِذَا اجْتَمَعَ قَتْلٌ فِي حِرَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَوَدٌ قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَظْهَرُ.
فَائِدَةُ:
ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ فِي الْقَتْلِ حُضُورُ الْوَلِيّ وَأَنه يقبل بِالْحِجَارَةِ فِي الزِّنَا وَبِالسَّيْفِ فِي الرِّدَّةِ وَقَدْ يَكُونُ قَتْلُ الْآدَمِيِّ بِالْحِجَارَةِ أَمَّا لَوْ قُطِعَ فِي السّرقَة ثمَّ قطع يَمِين جلّ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ لِأَنَّهُ يَوْمَ قَطَعَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ يَمِينٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَمَتَى اجْتَمَعَتِ الْحُدُودُ كُلُّهَا مَعَ الْقَتْلِ سَقَطَتْ بِالْقَتْلِ إِلَّا الْقَذْفَ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقَالَ (ش) وَ (ح) حُقٌّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ لَنَا أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَقْوَى لِتَعَذُّرِ الْعَفْوِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَلَّظُ كَالْقَتْلِ بِالْحِجَارَةِ فِي الزِّنَا وَعَلَى أَصْلِ (ح) لَا قِصَاصَ إِلَّا بِالسَّيْفِ وَيُنَكَّلُ الْمُرْتَدُّ وَيُمَثَّلُ بِهِ بِخِلَافِ الْقِصَاصَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ أَقْوَى لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَبِرُجُوعِ الْمُقِرِّ وَبِالتَّوْبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ فِي الْحِرَابَةِ وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَكَفَّارَةٌ وَحَجٌّ قُدِّمَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ عَلَى الْحَجِّ وَيَرِث الْوَارِثُ مَعَ حُقُوقِ اللَّهِ دُونَ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ مِنْ مَالِكِهِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّا إِنَّمَا رَجَّحْنَا بَيْنَ حُقُوقٍ وَجَبَتْ أَمَّا مَعَ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ دَلِيلَ الْقُوَّةِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَتْ شُرُوطُ الشَّيْءِ كَانَ أَقْوَى لِأَنَّ الزِّنَا أَقْوَى فِي الثُّبُوتِ مِنَ الْقَتْلِ لِاشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ عُدُولٍ وَالنِّكَاحُ أَقْوَى مِنَ الْبَيْعِ لِاشْتِرَاطِ الْوَلِيّ وَالشُّهُود وَالصَّدَاق فَاشْترط عَدَمِ الشُّبْهَةِ وَعَدَمُ رُجُوعِ الْمُقِرِّ دَلِيلُ الْقُوَّةِ وَأَمَّا الْعَفْوُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ لِأَنَّا إِنَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي الْقُوَّةِ فِي حَالِ الدُّنْيَا عَلَى أَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ قَدْ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّ عَمْدَ الْخَطَأِ لَا قَوَدَ فِيهِ عنْدكُمْ وعندما فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَتْلُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَالدَّيْنُ يُسْقِطُهَا عَنِ الْعَيْنِ وَهِيَ فِي الْمُنَاسَبَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ وَالْكَفَّارَاتُ لَهَا أبدال إِن كَانَ فَقِيرا يعوضه الصَّوْمُ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَمُشْتَرَكٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا تَمْنَعُ مِلْكَ الْوَارِثِ مَعَ أَنَّا إِذَا عَلِمْنَا أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَيْهِ لَمْ يُفَرِّطْ فِي إِخْرَاجِهَا قُدِّمَتْ عَلَى الْمِيرَاثِ مِثْلَ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ مَالٌ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ أَوْ يَمُوتُ صَبِيحَةَ الْفِطْرِ وَأَمَّا الْحَجُّ فَمُتَعَلِّقٌ بِالْبَدَنِ لَا بِالْمَالِ فَسَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ بِعَجْزِ الْبَدَنِ فِي الْحَيَاة.
الْحَادِيَ عَشَرَ:
فِي الْكِتَابِ إِذَا سَرَقَ فَقُطِعَ فِيهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيَةً قُطِعَ أَيْضًا وَقَالَهُ (ش) وَقَالَهُ (ح) إِنْ سَرَقَهُ مِنَ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا فَعِنْدَهُمْ قَوْلَانِ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ النَّظَرُ إِلَى تَعَدُّدِ الْفِعْلِ أَوْ إِيجَادُ مَحَلِّهِ فَالْقَطْعُ عِنْدَنَا مِثَالُهُ السَّرِقَةُ وَهِيَ الْإِخْرَاجُ وَعِنْدَهُ مِثَالُهُ الْمَسْرُوقُ وَهَذَا إِذَا قُطِعَ عِنْدَهُمْ لَمْ يُغَرَّمْ وَإِذَا غَرِمَهَا لَمْ يُقْطَعْ لَنَا الْعُمُومَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمَرَّةِ الأولى كَمَا لَو تكَرر الزِّنَا على الْمَرْأَة أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْغَزَلِ يُقْطَعُ فِيهِ فَرَدَّهُ يُنْسَجُ فَسَرَقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَوْ قُطِعَ لَسَاوَى تَكَرُّرَ الزِّنَا فِي الْمَرْأَةِ وَلَا يُسَاوِيهِ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَعَلَّقُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةُ الثَّانِيَةُ عَيْنُ الْأَوْلَى وَالْقَطْعُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ مُتَّحِدَةٌ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ وَالْعَيْنَ يُعْتَبَرَانِ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فِي دُونِ النِّصَابِ لَمْ يُقْطَعْ أَوْ سَرَقَ نِصَابَيْنِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَقَطْعٌ وَاحِدٌ لِعَدَمِ تعدد الْفِعْل وَإِن كَانَ لابد مِنْهُمَا وَقد تَعَذَّرَتْ الْعَيْنُ فَبَطَلَ الْقَطْعُ وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ يُقْطَعُ فِيهَا فَلَا يَتَكَرَّرُ فِيهَا بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ كَالْقَذْفِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ سَبَبَ الْقَطْعِ عِنْدَنَا تَكَرُّرُ الْفِعْلِ بِشُرُوطِهِ لَا الْعَيْنِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْعَيْنَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْفِعْلِ فِي كَوْنِهِ نِصَابًا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ أَمَّا اعْتِبَارُ كَوْنِهَا لَمْ تُسْرَقْ قَبْلُ فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَعَنِ الثَّالِثِ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَهُ بَعْدَ الْحَدِّ تَكَرَّرَ الْحَدُّ كَالسَّرِقَةِ فَهَذَا فَرْقٌ.
تَمْهِيدٌ:
الْأَصْلُ تَفَاوُتُ الْعُقُوبَاتِ بِقَدْرِ تَفَاوُتِ الْجِنَايَاتِ بِدَلِيلِ الزِّنَا مِائَةٌ وَالْقَذْفُ ثَمَانُونَ وَالسَّرِقَةُ الْقَطْعُ وَالْحِرَابَةُ الْقَتْلُ وَأَنْوَاعُ التَّعَازِيرِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَدِ اسْتُثْنِي مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ فَسَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَ سَرِقَةِ رُبْعِ دِينَارٍ وَآلَافِ الدَّنَانِيرِ وَشَارِبِ قَطْرَةِ خَمْرٍ وَشَارِبِ الْكَثِيرِ فِي الْحَدِّ مَعَ تَفَاوُتِ مَفَاسِدِهَا جِدًّا وَعُقُوبَةُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ سَوَاءٌ مَعَ أَن جريمة الْحر أعظم من أَنَّ الْعَبِيدَ إِنَّمَا سَاوَوُا الْحُرَّ فِي السَّرِقَةِ والحرابة لتعذر التَّبْعِيض بِخِلَاف الْجلد واستوى الْحَرج اللَّطِيفُ السَّارِي لِلنَّفْسِ وَالْعَظِيمُ فِي الْقِصَاصِ مَعَ تَفَاوُتِهِمَا وَقَتْلُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الْبَطَلِ الْعَالِمِ وَالصَّغِيرُ الوضيع.
الثَّانِيَ عَشَرَ:
فِي النَّوَادِرِ إِذَا سَرَقَ ثُمَّ دره لِحِرْزِهِ قُطِعَ لِتَحْقِيقِ السَّبَبِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ:
قَالَ إِنْ سَرَقَ بِبَلَدٍ فَوُجِدَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إِلَّا بِبَلَدِ السَّرِقَةِ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ فِي السَّلَفِ كَمَا تقدم فِي الْغَصْب وَكَذَلِكَ الْمثْلِيّ فالملك لَهُ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ.
الرَّابِعَ عَشَرَ:
قَالَ إِنْ صَالَحْتَهُ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْإِمَامِ ثُمَّ رَفَعْتَهُ رَجَعَ بِمَا صَالَحْتَهُ بِهِ إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الرَّفْعِ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَالِ فَلَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنِ ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ وَصَالَحْتَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ فَأَقَرَّ غَيْرُهُ بِالسَّرِقَةِ قُطِعَ الْمُقِرُّ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا لَا يُتْبَعُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُطَالِبِ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَقَرَّ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَرَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ قَبْلَ الْقَطْعِ سَقَطَ الْحَدُّ وَاتَّبَعَهُ الْمُنْكِرُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَالْمَسْرُوقُ بِقِيمَةِ سَرِقَتِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ بِهِ لِلْإِمَامِ أَوْ صَالَحْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنِ الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَقَالَ خِفْتُ السُّلْطَانَ قَالَ أَصْبَغُ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ تُخْشَى بَوَادِرُهُ لم يلْزمه أَو الْمَأْمُون الزمه وَعَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا إِنْ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ الْحَدِيثَ وَإِنْ خَرَجَ وَقَاتَلَكَ وَالْمَتَاعُ مَعَهُ فَقُتِلَ قَالَ أَصْبَغُ هُوَ هَدَرٌ وَلَا دِيَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْمَتَاع وَإِنَّمَا يطْلب النَّجَاةَ فَفِيهِ الدِّيَةُ إِنْ قُتِلَ بِمَوْضِعٍ سَرَقَ وغلا فالقود لِأَنَّهُ لَا مَتَاعَ مَعَهُ وَلَا هُوَ مَوْضِعٌ يُخَافُ مِنْ شَرِّهِ وَإِنْ أَمَرْتَهُ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ مَعَهُ مَتَاعٌ أَمْ لَا.